قصص وروايات

مسلسل القصة القاتلة الحلقة الثالثة

هذه هي الحلقة رقم 2 من أصل 75 حلقة في رواية القصة القاتلة

راح عماد يجمع أغراض مكتبه وهو يخاطب نبيل قائلاً: لا أدري ماذا سافعل الآن.
“ستقوم بما كان يتوجب عليك فعله منذ البداية”
قال صديقه: تغيير مواضيع رواياتك من الجذور.
“هذا مستحيل”
قال من فوره: الكتابات الهادفة هي ما أجيده وأجد نفسي فيه، في الواقع أنا لا أجد سبباً للإبداع إلّم يكن الهدف هو الإصلاح !
“آه عماد !”
تنهد قائلاً: هذه الروايات ستقضي عليك وعلى مستقبلك المهني !
هتف بذهول: ألهذه الدرجة ؟!

فأكد صديقه الفكرة: الآن إجازة لمدة أسبوع وقريباً إجازة لمدى الحياة”
وتابع هازئاً: هكذا تسير الأمور.. ستفقد اي فرصة بالعودة إلى القسم الروائي إذا ما فشلت.
إرتمى على مقعده وهو يتمتم: يا إلهي .
فسارع صديقه إلى تشجيعه بقوله: إياك أن تدع ما جرى يحبط عزيمتك.
“لا أخفي عليك.. أشعر بالاحباط فعلاً.”
قال بتأفف: أنا حائر.. أخبرني نبيل ماذا يجب أن أفعل ؟
فأجابه: ما دامت رواياتك لا تعجب القرّاء ولا تثير اهتمامهم فعليك بكتابة ما يفعل العكس تماماً.
“لكني لا أفهم”
قال متعجباً: ما الذي يثير اهتمامهم وينال رضاهم ؟!
“شيئان فقط”
أجابه نبيل: العنف والجنس.
صاح مستنكراً: ماذا ؟
“حسناً بما أنك أخلاقي متشدد نستبعد الجنس”
قال من فوره: في كل حال من الأحوال رواياتي العاطفية تلقى نجاحاً باهراً وتقوم بالمطلوب وأكثر .
“إذاً يبقى العنف ؟”
تساءل بحيرة: الدم والموت ؟! أهذا ما سأكتب عنه ؟!

نعم، إنه الخيار الوحيد المتبقي لك وعليك القبول به
قصة بوليسية ؟!
هذا ممكن، شرط أن تتحدث عن جريمة قتل. ويا حبذا لو كانت قصة رعب دموية.. آه الدم يجذل الكثيرين.

“لا أدري”
قال وحيرته لم تزل: سأفكر بالأمر.
فرد صديقه: الأمر لا يحتاج إلى تفكير. خذ كراسك وأقلامك واذهب إلى مكان هادئ ولطيف ثم اكتب تحفتك الجديدة.
وودّعه قائلاً: أنتظر عودتك بقصة حافلة بالاثارة والتشويق.. قصة قاتلة !
عرّج عماد أثناء عودته إلى منزله على المطعم الذي يقصده باستمرار حيث طلب وجبة إفطار خفيفة لإسكات آلام الجوع التي تتملكه.
ثم راح يأكلها بلا شهية، وهو يفكر بما حدث معه هذا الصباح، وبالمستوى الذي سقطت اليه أذواق الناس وأحاسيسهم الأدبية.
تأفف لشدة تضايقه، ثم انعطف إلى التفكير بالرواية الجديدة التي قد تنقذ عمله. لكنه قبل أن يتخذ أي قرار في هذا الشأن، تنبّه إلى حديث يدور خلفه بين مجموعة من الشبان.
كانوا أربعة جامعيين يبحثون في برنامج رحلة التخييم التي يخططون لها في إجازة الأسبوع.
قال أحدهم بصفتي المسؤول بينكم عن اختيار الكتب التي سنطالعها خللال الرحلة فقد وضعت عدة اسماء عليكم اخيتار اربع منها. الكتب هي: الحب الذي قتل لأغاتا كريستي، البخلاء للجاحظ، الجنس لممدوح طارق، الثلاثية لنجيب محفوظ، الحلال والحرام في الاسلام ليوسف القرضاوي، دراكيولا مصاص الدماء لسيد سيد.

أنا سأختار هذا الكتاب الأخير.
لا بأس بثلاثية نجيب محفوظ، أنا أحجزه لي.
الجنس سيكون من نصيبي سآخذه.

فعاد الأول ليقول: إذا أنا سآخذ اغاتا كريستي.
زم عماد شفتيه، وغمغم قائلاً: دموي، جنسي، بوليسي، وأدبي! ثلاثة لواحد !
وتذكر على الفور عبارة نبيل: شيئان فقط العنف والجنس.
ثم عاد ينصت إلى كلام الشبان. إذ قال أحدهم: أما أنا وبصفتي المسؤول عن المرئي والمسموع في الرحلة، فقد جهزت مجموعة من أحدث أفلام الرعب والحركة لنشاهدها ولم أنس طبعاً أقوى الأفلام الساخنة !
صفق أحدهم بلهفة: آه ممتاز !
وعاد الأول ليقول: وابعت عددا من الاسطوانات الموسيقية الرائعة لمايكل جاكسون ، بيونسيه، هيفاء وهبي وأم كلثوم.
رفع عماد حاجبيه وهمس مخاطباً نفسه: أم كلثوم ؟! كيف اتفقت معهم ؟!
لكن الشبان الأربعة قهقهوا ضاحكين وعلق أكبرهم سناً: نكتة جيدة !
عندها شعر عماد بالاشمئزاز فنهض ودفع ثمن ما تناوله ثم اندفع خارجاً من المكان وقد سيطر التجهم على ملامح وجهه.
“أهذا هو رأي المثقفين والمتعلمين ؟!”
تساءل بحيرة: أهذا ما يفضلونه ويختارونه ؟!
وتمتم بذهول: لا أصدق !
ثم دوت في رأسه عبارة نبيل مجدداً:
شيئان فقط: العنف والجنس !

يتبع | كتبها محمد عيد

تصفح الحلقات الحلقة السابقة: << مسلسل القصة القاتلة الحلقة الأولى|الحلقة التالية: مسلسل القصة القاتلة الحلقة الثانية >>

عن الكاتب

محمد عيد

مدرّس، كاتب، مطوّر مواقع الكترونية ويوتيوبر في العالم الرقمي. حاصل على الإجازة في الحقوق والعلوم السياسية من الجامعة اللبنانية ببيروت، ومهتم بالتنمية البشرية وتطوير الذات والأدب العربي والتقنية. أنشر قصص وروايات وقصائد واقتباسات وفيديوهات خاصة بي. جميع محتويات المدونة من ابداعي الشخصي وأنشرها بنفسي في أوقات فراغي .

أكتب تعليقك ورأيك