أراد سيف أن يهرب من الماء، لم يرد أن يستيقظ من نشوته أو أن يفقد لذة سكرته، لكن والده كان له بالمرصاد.
لا أريد ! لا أريد !
صاخ غاضباً وهو يحاول الفرار من الماء.
كان متأكداً من أن خروجه من حال السكر هذه سيجر عليه آلاماً وويلات عمل على الهرب منها طوال الايام والليالي الماضية.
إن فتح عينيه سيتذكر هند، ويحن لرؤيتها، ويتلهف قلبه لقبلاتها، ويحن لابتعاده عنها.
إن فتح عينيه سيؤنبه ضميره على ما فعله بها، وسيقتله الندم آلاف المرات لأنه تركها وحيدة وقطع الوصال.
إن فتح عينيه قد يكره نفسه لما ارتكبه، وقد يكره والده لأنه أجبره عليه، وقد ينقم على قبيلته لأن ما حدث كان في سبيلها.
واستفاق الشاب.
وقع ما يخشاه وفتح عينيه.
فتلقفه والده قائلاً: أخيراً عاد عقلك إليك ! إسمعني جيداً فلدي أمر خطير أحدثك به.
ماذا تريد مني بعد ؟
سأله سيف بنبرة مثقلة بالهموم وملونة بالغضب
لماذا توقظني ؟! فيم تريدني ؟
فانزعج الزعيم لطريقة كلامه، ونهره مذكره إياه بمركزه في العائلة ومكانته في القبيلة.
هو الوالد والزعيم وعليه أن يقدم له فروض الطاعة والولاء.
ولما تأكد من أن ابنه فهم الدرس جيداً، أفضى إليه بمكنونات صدره.
لديه خطة جديدة يدمر بها كارم !
ويعوض بها خسارته الماضية !
الخطة تقضي بأن يقوم سيف بزيارة هند في دارها وأثناء غياب زوجها عنها.
ويتعمد في زيارته هذه ترك أثر له يدل دلالة واضحة على وجوده في المكان.
وفي هذا الوقت يرسل سليم من يبلغ القبيلة بأسرها بخيانة ابنة كامر لزوجها كاشفاً لهم عن دليل الخيانة الموجود في دارها.
طبعاً سيتكلم الجميع بهذا النبأ وسيسعى كارم إلى تأكيد عدم صحتهلكن الدليل سيقطع الشك باليقين، وستثبت التهمة على الفتاة، وسيفتضح الأمر في القبيلة بأسرها.
وقهقه العجوز وهو ينهي سرد خطته، بهذه الطريقة سيفقد كارم اللعين كل عزة ووقار، وستنقلب قبيلته عليه خاصة بعد أن يعرفوا أن ابنته ليست سوى عشيقة لابن العدو !
وقهقه مجدداً لكن هذه المرة ليعبر عن افتخاره بالخطة العبقرية التي وضعها.
ثم سأل ابنه عن رايه بالامر، فابتسم الشاب ابتسامة ظنها والده امارة اعجاب لكنها كانت ذاخرة بالسخرية ورافقتها عبارة هازئة قالها في نفسه
خطة بلهاء !
يبدو أن هذا العجوز لم يعد قادراً على التفكير حتى !
وتساءل سيف:
ما الذي يضمن أن يصدق قوم كارم نبأ خيانة هند ؟!
ما الذي يضمن أساساً ألا تقوم الفتاة بإخفاء الأثر الذي سيتركه هو في عقر دارها ؟!
يتبع
أكتب تعليقك ورأيك