قصص وروايات

مسلسل أحبك بجنون الحلقة 4 – وللأثرياء عالمهم

هذه هي الحلقة رقم 4 من أصل 79 حلقة في رواية أحبك بجنون

اسمه منير زوّال وهو شاب في مقتبل العمر من أسرةٍ ثريةٍ قوامها هو ووالده وشقيقته الحسناء هيفاء..
والشاب الطموح بفطرته شغوف باعتماده على نفسه, لذلك لم يشأ الاستعانة بنفوذ والده للنجاح في حياته, بل إنه رفض تدخله بشدة وعانده في كثير من المواقف.
أمضى سنيناً عديدةً في دراسته حتى نال شهادةً جامعيةً بتقديرٍ جيدٍ, وتقدم للعمل في مؤسسة فيّاض رافضاً وظيفةً ممتازةً براتبٍ خياليٍ في شركة أبيه.
ولم يجد الشاب صعوبة في الولوج إلى تلك المؤسسة وارتقاء أعلى المناصب فيها, فقد كان صديقاً حميماً لسيدها.
فالرجلان كانا رفيقين في الجامعة, تعارفا منذ السنة الأولى لهما فيها, وحصل التقارب بينهما تدريجياً حتى باتا من أعز الأصدقاء.
كانت الساعة تشير إلى التاسعة والنصف صباحاً, حين وصل منير إلى منزل سامر فياض, فاستقبلته السيدة نهاد بالترحاب.
هذه السيدة كانت عمّة سامر الوحيدة, وأقرب المقربين إليه. تكفلت بالاعتناء به منذ سنين شبابه الأولى, وحاولت أن تحلّ مكان الأم التي فُجع الفتى بوفاتها.
كانت نهاد الشابة المغرورة بجمالها سعيدة برؤية الرجال يتنافسون على حبها. وقد اختارت شريك حياتها بنفسها وفق ما تهوى وتشاء.
لكن الحظ لم يحالفها أكثر من ذلك, فقد مات زوجها بعد ثلاث سنين فقط من عقد القران, فتركها تصارع الأحزان وتصرّف همها في العناية بابنتها الصغيرة التي كانت ثمرة هذا الزواج.
وقد بدت نهاد أصلب من الصخر في قوة تحملها, فلم يذكر أحد أنه شاهدها تذرف دمعة واحدة على فقدان زوجها.
بعدما توفيت والدة سامر, وجد والده أن انتقال العمة للإقامة معهما في المنزل مفيد للجميع, وهذا ما كان.
عاملت نهاد الابن الوحيد لشقيقها بطيبة ورحمة, ولعلها كانت تشفق عليه لأنه يتيم كابنتها.
أما سامر الفتى اليافع فقد استقبل هذه المحبة بالود والاحترام, لكنه مع هذا كان يرفض أن تتدخل عمته في شؤونه الخاصة وأموره الشخصية.
وقد فهمت نهاد هذه المحظورات جيداً, فتركت للفتى الحرية الكاملة ليفعل ما يشاء دون رقيب أو حسيب.
حتى أن الوالد نفسه لم يكن يتدخل في حياة ابنه, ولم يكن ينهره أو يزجره عندما يرتكب الأخطاء, فللولد بنظره ما يشفع له: يُتمه!
لذلك نشأ سامر مدللاً, مرفهاً, يحصل على كل ما يشتهي, وينال كل ما يريد.
لكن في المقابل بذل الفتى مجهوداً كبيراً في دراسته, فحقق النجاح تلو النجاح, حتى حصد الشهادة الجامعية في إدارة الأعمال.
مع هذا كان سامر منكباً على الشهوات, ساعياً دوماً لإرضاء رغباته ونزواته. غير مبالٍ بالعادات والتقاليد ولا بالقيم والمبادئ الدينية.
بعد تخرجه من الجامعة تلقى الشاب الصدمة الثانية في حياته, إذ رحل عنه والده إلى عالم أمه, فخلّفه وحيداً مع الثروة والمال.. وآلام الفراق.
غرق الشاب في الكآبة لفترة, لكنه سرعان ما تجاوز محنته, واستعاد عافيتنه وحيويته, ثم بدأ بامساك زمام الأمور, وباشر بترتيب حياته الجديدة.
وبكثير من القوة والعزم أعاد تنظيم أوضاع المؤسسة الضخمة التي أضعفها رحيل رئيسها, مستفيداً من دراسته العلمية في تطويرها والسير بها نحو الأمام.
خلال سنوات معدودة حققت مؤسسة فياض أرباحاً طائلة, وتقدماً باهراً, فأثبت سامر أنه إبن والده, وأنه قادر على تحمل أعباء المسؤولية.
لكن الفتى المدلل الذي أصبح رجلاً مسؤولاً لم يغير كافة طباعه, فقد بقي على مجونه.. بل ويمكن القول ان عدد نزواته كان يتزايد باضطراد.
أما العمة نهاد فقد اتسعت صلاحياتها في المنزل, وأصبحت هي سيدته بحق, صاحبة الأمر والنهي فيه, دون الرجوع إلى أي سلطةٍ عليا قد تعدل أو تبدل في آرائها, بعكس الحال أيام شقيقها.
وقد وزعت اهتماماتها بين ثلاث رتبتهم بحسب الأولوية: بيتها, ابنتها, ثم ابن أخيها.
وقد رحبت السيدة ناهد بضيفها هذا الصباح, ودعته للجلوس وهي تسأله عن مشروبه المفضل, لكن منير رفض أن تقوم السيدة نحوه بواجبات الضيافة, وبادرها السؤال: أين السيد سامر؟ لقد تأخر عن التزاماته! وقد جئت خصيصاً لاستعجاله!
فأجابته بفتور: إنه في غرفته.
فسألها مستنكراً: نائماً؟!
فأجابته بفتورها نفسه: لا ادري. أنت تعلم أننا لا ندخل غرفته, ولا نتدخل في أي شأن من شؤونه.
“أنا سأراه” قال لها: إسمحي لي.
“لا مانع لدي, لكني أنبهك..” قالت له: إنه لا يحب أن يوقظه أحد!
ـ سأفعل ذلك على مسؤوليتي.

يتبع

تصفح الحلقات الحلقة السابقة: << مسلسل أحبك بجنون الحلقة 3 – المقابلة الأولى|الحلقة التالية: مسلسل أحبك بجنون الحلقة 5 – سهام.. حب فاشل >>

عن الكاتب

محمد عيد

مدرّس، كاتب، مطوّر مواقع الكترونية ويوتيوبر في العالم الرقمي. حاصل على الإجازة في الحقوق والعلوم السياسية من الجامعة اللبنانية ببيروت، ومهتم بالتنمية البشرية وتطوير الذات والأدب العربي والتقنية. أنشر قصص وروايات وقصائد واقتباسات وفيديوهات خاصة بي. جميع محتويات المدونة من ابداعي الشخصي وأنشرها بنفسي في أوقات فراغي .

أكتب تعليقك ورأيك