عند حلول المساء دخل كمال منزله عائداً من عمله، ففوجئ بأفراد أسرته يصيحون بصوت واحد: عام سعيد.
أدهشه ما رآه.
زوجته، ابنته، صهره وحفيده كلهم مجتمعون حول طاولة تحوي ألواناً من الأطعمة وتوجها قالب من الحلوى كتب عليه إسم الوالد.
فرح بالمفاجأة وأبدى امتنانه لعائلته، فقالت زوجته مهنئة:
كل عام وأنت بخير يا عزيزي.
“آه”
قال بقليل من الخجل: فكرة من كانت هذه ؟
“كانت فكرة أمي”
أجابته ابنته: لكن أنا من نفذها.
“آه سحر”
قال وهو يعانقها: متى جئت من صيدا ؟
إبتسمت وأجابته: وصلت اليوم وسأقضي ليلتي هنا.
تضاعفت سعادته بهذا النبأ فقال: هذا رائع.
ثم صافح صهره قائلاً: لا بد أنها أتعبتك.
فابتسم مجيباً: لا تقل هذا عمي. إنها مناسبة مهمة بالنسبة لنا جميعاً ومن المستحيل أن نتركها تفوتنا.
ربّت على كتفه تعبيراً عن رضاه، ثم سارع بحمل حفيده الصغير الذي لم يتجاوز سنته الرابعة وهو يقول: وكيف حال هذا الشقي ؟
وعلت الضحكات وأصوات البهجة، بينما استلقت القصة بهدوء على الطاولة حيث وضعها كمال مع بقية أغراضه عند دخوله.
كان المبنى الذي تسكن فيه نورا قديماً جداً ومهترئاً، ومنزلها لم يكن أفضل حالاً.
فالرطوبة ولاتفعن أتيا على جدرانه وزواياه، والأثاث رث وغير سليم.. أما الحشرات فتجد دولاً لها داخله.
جلست نورا بعد عودتها تتناول عشاءها الدسم.
كسرة خبز وقطع صغيرة متبقية من الجبن.
“يا للأسف”
قالت في نفسها بحزن عميق: أكثر من عشرين عاماً من الكتابة والعطاءز.. هذا كل ما أحصل عليه.. بيت حقير وطعام..
قهقهت ضاحكة بهستيرية، قبل أن تجهش بالبكاء وهي تصيح:
حياتي كلها أفنيتها في كتابات التربية والإرشاد، في التوعية والتعليم.. عمر بكامله أمضيته وأنا أدعو للفضيلة ويكون جزائي البؤس والفقر !
تمالكت أعصابها وجففت دموعها ثم قالت: جيد أني تمكنت من الحصول على هذه الوظيفة. صحيح أنها تقتصر على حل مشاكل القرّاء، لكنها أفضل من لا شيء ثم هذا هو كل ما سمحوا لي به.
وتأسفت مجدداً: بعد سنوات كثيرة من التأليف والعمل الهادف، تكون وظيفتي حل مشاكل الناس.. وبالأخص مشاكل المراهقين السخيفة..
وتابعت هازئة: آه أحببته لكنه خدعني.. أحبها لكنها لا تكترث بي.. لا أدري كيف أعترف له بحبي.. مجرد سخافات.
نهضت عن مقعدها ثم سارت قائلة: الناشر يرفض رواياتي بحجة أنها غير مربحة.
وحملت قصة عماد مضيفة: لنرى ماذا سيقول بشأن قصتي الجديدة !
يتبع
أكتب تعليقك ورأيك