قصص وروايات

مسلسل أحبك بجنون الحلقة 70 – بين الحقيقة والخداع

هذه هي الحلقة رقم 70 من أصل 79 حلقة في رواية أحبك بجنون

لم يكن أحد مرتاحاً هذا الصباح.
كانت السماء صافية، والشمس طاغية، والأخضر يزين الشوارع والطرقات، لكن كل هذا لم يؤثر في نفس زينة.
لقد سارت الفتاة نحو مركز عملها وهي تفكر بلقائها بمنير ولا تكف عن التساؤل:
– هل كان قرارها صائباً؟!
لم تنم البارحة جيداً. تقلبت في فراشها طويلاً بين فكرة وفكرة وبين شعور وآخر.
شعرت بالحزن وبالضعف.. لكن رغم هذا كان هناك شعور بالسعادة يدغدغ أنوثتها.
إلا أن أقوى ما خالجها ويخالجها الآن هو شعورها المتواصل بالشك.

لقد أضحت الفتاة عاجزة عن تصديق سامر أو رفيقه أو أي قريب أو صديق له بل وحتى أي أمر أو خبر يتعلق به.

صار كل ما تعرفه عنه وكل ما يتصل به يتأرجح في عقلها بين الحقيقة و الخداع .
– ضاعت ثقتي بالرجل.
قالت لنفسها:
– لكن هل ضاع حبي له؟
تساءلت زينة:
– هل بتّ أكره سامر؟
وهزت رأسها نفياً..
وآلمها صداع شديد..
وتابعت المسير وانزعاجها في تواصل وحيرتها في ازدياد..
– أيكون ما قاله منير صدقاً؟! أيكون حب سامر لي حقيقة؟!
– لكن ماذا تقولين؟!
خاطبت نفسها مستنكرة:
– إنه سامر، أنسيت؟! سامر!
وأضافت هازئة:
– الواضح والمستقيم!
وشعرت بنبضات قلبها تتزايد وكأنها تنادي الرجل الوحيد الذي عشقته.. نعم.. إنها تشتاق له، وتحنّ إليه، تتمناه أكثر مما يتمناها.. لكن لا يمكنها أن تسلم له.. هي عاجزة الآن عن تصديق قلبها.. حتى فؤادها تشك به..
قالت لنفسها:
– هو أيضاً خدع بغرامه!
وتابعت المسير..
وهي تتنهد..
– كل هذه أكاذيب !!
كانت هذه هي العبارة الحائرة التي لا تكف عن تكرارها منذ انفصالهما:
– كل هذه الأكاذيب ونحن لم نتزوج بعد!
وتساءلت مفترضة:
– ماذا سيفعل بعد الزواج؟
وصاحت مستطردة بعدما تذكرت أكاذيبه وحللتها:
– يا إلهي! لقد اصطادني اصطياد القط للفأرة!
وعلقت بانزعاج:
– كم كنت فأرة عمياء!
– كنت لعبته.. ملهاته.. مغامرته..
قالت:
– لقد سخر مني!
وتذكرت نفسها.. بفستانها الأبيض.. ليلة زفافها.. تجلس في صالة منزلها وتنتظره..
وكادت تبكي.. لكنها تمالكت أعصابها.. وتابعت المسير.. إلا أن الذكرى المؤلمة تبعتها..
رأت والدتها جثة هامدة في سريرها الأبيض..
رأت أخيها خلف قضبان السجن مع اللصوص والقتلة..
رأت نفسها مشرّدة بلا مأوى ولا معين..
ضائعة.. تائهة.. حائرة.. قلقة..
تسير لكنها لا تعرف إلى أي درب ستصل.. وحين تصل سيكون عليها السير من جديد..
وسالت دمعة من عينيها.. وأحست ببرد شديد رغم دفىء الطقس.. كانت خائفة.. لا تشعر بالإطمئنان إلا بعد أن تتذكر عبارة أمها:
– عندما صليت الفجر دعوت الله لنا جميعاً.. وهو لن ينسانا ولن يتخلى عنا يا ابنتي.. علينا فقط أن نثق به.. هو الذي رعانا وتكفل بنا طوال هذه السنين.. لا يجب أن ننسى هذا. عندما يشتد ظلم الإنسان، وتسوّد الدنيا في عيون المرء.. ينبغي ألا نفقد الأمل.. الرحمن الرحيم سيتدخل.. ينبغي أن نؤمن بهذا.. فهو سبحانه سيجود علينا بالرحمة والفرج القريب.
ووصلت الفتاة إلى محل الأزهار حيث تعمل والدموع تتغلغل في مقلتيها.
فلاحظ صاحب المحل ذلك وسألها:
– آنسة زينة ما بك؟!
– لا شيء.
قالت وهي تحاول أن تبتسم:
– أنا بخير..
وفركت عينيها بيديها وهي تضيف:
– نسيم الربيع يزعج عيني. هذا كل ما في الأمر.

مزاج سامر كان سيئاً أيضاً هذا الصباح، لكن الرجل وعلى غير عادته توجه اليوم إلى مؤسسته وهو يضع نظارة سوداء على عينيه ويلف يده اليمنى بضمادة بيضاء خاصة بالجروح.
وقد رحب الموظفون بعودته وسرت الأحاديث والهمسات بينهم حول أسراره.
– لا أصدق!
قال منير وهو يقابل صديقه باسم الثغر:
– عزيزي! لقد عدت أخيراً!
– أجل.
ردّ بنبرة باردة وهو يدخل مكتبه:
– أرجوك منير أطلب لي القهوة.. و.. إتصل لي بمحامي المؤسسة.
– جيد.. جيد..
علق الشاب بحماس:
– تسرني عودتك يا رجل! أخيراً عفتَ أحزانك وقررت تناسي أمر تلك الفتاة!
– أنت مخطىء!
رد من فوره:
– أنا لم أنسها ولن أفعل.
وكرر مطلبه السابق:
– إتصل لي بمحامي المؤسسة.
فأومأ برأسه وسأله بلطف:
– وهل لي أن أعرف في أي أمر تريده؟!
– لدي دعوى قضائية أريد رفعها.
أجابه من فوره وهو يرفع نظارته:
– دعوى بحق زينة.

يتبع

تصفح الحلقات الحلقة السابقة: << مسلسل أحبك بجنون الحلقة 69 – القرار الحاسم|الحلقة التالية: مسلسل أحبك بجنون الحلقة 71 – وعدني بالزواج.. وأنا حامل ! >>

أكتب تعليقك ورأيك