فنظر الإثنان إلى بعضهما بحيرةٍ قبل أن يقول “أسامة”: كنتُ أخبر الأميرة عن احتمال عودتي إلى عملي قريباً.
– آه حقاً؟!
سألته أمه بتفاجؤ وقد صدّقت أن هذا هو حديثهما حقاً: هل ستعود إلى ممارسة الطب؟!
– أجل.
أجابها بصدقٍ: اليوم تحدثت إلى مساعدي القديم في عملي واسمه “ليث”، سأفتح عيادةً لنا لكني أحتاج إلى بعض المال.
وأضاف: لا أستطيع البقاء بلا عمل.
– كلام سليم.
قالت الوالدة وقد أعجبها موقفه: أما لجهة المال فاطمئن. هذه المسألة محلولة.
********
سارت الوالدة ببطء في إحدى باحات القصر وهي تبث همومها إلى الأميرة بقولها: آه “زمردة”.. قلقي يزداد يوماً يوماً بعد يومٍ على ولدي! لقد مضت على رحيله أيام عديدية ولم يصلنا أي خبرٍ عنه حتى اللحظة!
– إطمئني.
قالت لها: يقولون أن الأخبار السيئة تصل بسرعةٍ.
وأضافت: ثم إن “نديم” ليس وحيداً. لو أصابه أي مكروهٍ فإن أحد أعوانه كان سيأتي لإخبارنا على الفور.
– لا أدري.
قالت بحيرة: قلبي غير مطمئن.
واقترب منهما “أسامة” محيياً قائلاً: الاحتفال بعيد الزهور سيكون بعد غد.. ماذا حضرتما له؟
وبدلاً من أن تجيبه، إستأذنت “زمردة” وانصرفت من أمامهما فتبعها بعينيه قبل أن يقول لوالدته: لكن ما بها؟
فأجابته محاولةً تلطيف موقفها: لا شك أنها متعبة وتريد أن ترتاح.
– تعلمين أن هذا غير صحيح.
قال لها وهو يعود بعينيه إلى “زمردة” : إنها تتجاهلني منذ أيام!
وانصرف من أمامها غاضباً، ليلتقي “نسرين” في الحديقة فيسألها قائلاً: لكن ما الذي يحصل ل”زمردة” ؟
تفاجأت به وسألته بدورها: وماذا حصل؟!
– إنها تتعامل معي بكثيرٍ من اللامبالاة!
صاح غاضباً: كلما ذهبت إلى مكانٍ هي فيه تسارع بالانسحاب منه، كلما حدثتها تجاهلت كلماتي وغادرت دونما جواب، حتى أنها ما عادت تشاركنا مائدة الطعام وباتت تأكل في غرفتها.
وتابع كلامه: ما تفعله يزعجني جداً بل هو يؤلمني حقاً!
– في الواقع لا أدري ما أقوله لك سيدي.
قالت بارتباك: أنا لا أعرف سر تصرفات الأميرة. لكني أتفهم مشاعرك.
– كلميها “نسرين” أرجوكِ.
قال لها بعد دقائق من الصمت: قولي لها أن أسلوب معاملتها لي يدمرني! أخبريها أني قد أتحمل أي شيء إلا مقاطعتها لي.
وأومأت برأسها موافقة.
ولم تتأخر في زيارة أميرتها في مخدعها.
– هل ذها ما قاله لكِ ؟
سألت “زمردة” فأجابتها وصيفتها: نعم.. لقد نقلت لك رسالته بحذافيرها.
وأضافت: إنه منزعج للغاية بسبب الطريقة التي تعاملينه بها.
فأومأت “زمردة” برأسها وقالت: أجل، فهمت.
وبدت ملامحها غامضة.
وحين فتحت فمها لتتكلم ظنت “نسرين” أنها ستقدم لها تبريراً أو تعليقاً على موقفها من “أسامة” لكنها خيبت ظنها إذ قالت مبتسمة: وما هي آخر أخباركِ مع “ليث”؟!
يتبع