قالت متعجبة: وجهكَ حافلٌ بالأذى!
– أنا بخير أمي. إطمئني.
قال لها وهو ينظر إلى يد “اسامة” تمتد نحو كوب الشاي وترفعه إلى شفتيه:
– أرى أنك قررت تناول طعامك معنا اليوم.
إرتشف القليل من الشاي ثم أعاد الفنجان إلى مكانه وهو يُجيب:
– أجل. قررتُ فعل هذا لأني سأرحلُ اليوم. هذا هو لقائي الأخير بكم.
وارتشف المزيد من الشاي، وهو يسمع والدته تقول متفاجئة:
– ماذا؟! ستغادر القصر اليوم.هكذا؟! فجأة؟!
– لقد حزمتُ أمري.
قال لها: سأرحل عنكم اليوم. لقد كان يجب أن أفعل هذا منذ زمن.
وارتشف “نديم” القليل من الشاي الذي بفنجانه وهو يقول له:
– إذا كنتَ ستفعل هذا بسببس ، فلا بأس..أنا أسامحكَ لما فعلته.. ولا أمانع بقاءك.. صدقني.
قال عبارته مبتسماً ليظهر بمظهر حسن أمام والدته وزوجه التي تضاعفت دهشتها لدى سماعه وتأكّد ظنها من أنّ زوجها الملك يُخطط لأمرٍ خطير.
بينما سرّت الوالدة بموقف إبنها الأصغر وقالت ل”أسامة”:
– إذن بني.. لم يعد لديك حجة لترحل. ها قد سامحكَ شقيقك، وأرى أنّ بإمكانكما البدأ من جديد..
– آه! ما هذا الكلام أمي؟!
قال بانزعاج: لقد قررتُ وانتهى الأمر. لا يهمني إن سامحني جلالته أم لا، أنا لا أبالي لأني لم أتسبب بأذيته. ثم ليس هو السبب الوحيد لرحيلي.
– إذن ما هي هذه الأسباب؟! ألا نستطيع معالجتها؟
– لا أمي.
أجابها وهو يُلقي نظرة خاطفة على “زمردة”:
– هذا مستحيل.
وأضاف مؤكداً: سوف أرحل.
وارتشف آخر ما في فنجانه، و”نديم” يتأمله وقلبه ينبض بالسعادة ويقول:
– أجل.. سوف ترحل يا عزيزي.. لكن إلى العالم الآخر.. سوف أتخلّص منكَ إلى الأبد.
وشرب الثلاثة الآخرون ما في فناجينهم، ودخل أحد الحراس طالباً الملك، فنهض وإياه بعدما وجد أنها الفرصة السانحة للفرار من المكان قبل أن يأخذ السم مفعوله وتظهر نتائج فعلته.
وفي الحين الذي بقيت “زمردة” تتسلى بتناول ما تبقى في طبقها من طعام، كانت الوالدة قد نهضت عن مقعدها لتجلس بجوار ابنها وتخاطبه مواسية ومحاولة إقناعه بالرجوع عن قراره.
– أرجوكَ يا ولدي لا ترحل.
قالت له: أنا لا أريد فقدانكَ من جديد.
*********
– مولاي!
صاح الرجل فور رؤيته “نديم”:
– لقد جئتكَ بنبأ خطير.
– ماذا هناك؟!
سأله بدهشة واهتمام: تكلّم!
فأجابه: المتمردون في “درب القمر” هاجموا الجنود في المنطقة الغربية وانتصروا عليهم. إنهم يقفون الآن عند حدود مملكتنا.
– يا إلهي! هذا مستحيل!
يتبع