السفر !
يالها من كلمة مزعجة !
متشعبة المعاني ومتفككة الأوصال .. وذاخرة بمشاعر متناقضة .. تحتار أمامها القلوب والنفوس.
فيما خص “زينة” لقد عنت لها هذه الكلمة شيئاً واحداً فقط : الخطر !
ستبتعد عن أسرتها ، وعن وطنها ، وعن رفيقتها ، لتسافر مع رجل غريب عنها ، إلى بلد بعيد عن وجدانها .
كل هذا خطر !
في أسرتها روحها ، وفي وطنها قلبها ، ومع صديقتها سعادتها ، ثم في سفرها تشويه لسمعتها ، وفي رفقتها لرئيسها تهديد لشرفها ، وفي دخولها بلد آخر وحشة وغربة وكآبة لنفسها .
إنها حلقة جهنمية !
تضعها داخلها تلك الكلمة الجهنمية : السفر !
إرتمت الفتاة فوق سريرها ، وقد أعياها التفكير في الأمر وتبعاته ، وأثقلتها هذه المصيبة الجديدة الي تطرق أبوابها ، وترفس هدوءها وراحة بالها .
وقد لاحظت الوالدة ، مساءاً ، خمولاً عجيباً لدى إبنتها ، وصمتاً غريباً عن طباعها ، فقرعت أجراس السؤال فكان أن صارحتها الفتاة بما سمعته من رئيسها وكدّر صفو نفسها .
فشقّ على الأم عصاب إبنتها ، واستهجنت مطلب “سامر” فشتمته ولعنته ، ثم إنها قالت بحزم : فليسافر وحده إن أراد ! أنت لن تسافري إلى أي مكان !
لكن “زينة” تذكرت عقد العمل الذي وقعته ، وتذكرت أيضاً الدين الذي اقترضته ، فأدركت استحالة قول كلمة “لا” !
وشعرت بحريتها تنهار أمامها للمرة الأولى !
يتبع