أمضت ” زينة ” أيام عديدة في منزلها تهتم بتنظيفه وترتيبه بعد طول إهمال.
الحقيقة أن الأجازة التي منحها إياها ” سامر ” جاءت تماماً في وقتها.
وتذكرته ، فابتسمت ، وقالت : رجل لطيف !
إنه يؤثـِر راحتها على راحته ، كيف لا وهو يسافر وحده لينجز أعماله دون أي مساعِدة معه فقط حتى لا يزعجها !
” رجل لا يُصدّق ” قالت وهي تكنس الأرض .
” إنسان بغاية النبل ” قالت وهي تمسح الغبار .
” وسيم وذكي ” قالت وهي تغسل الصحون .
“وهو يهتم بي ! ” قالت وهي تطهو الطعام .
وعلى مائدة الطعام مكثت هي وأمها وأخيها ورفيقتها ” سمر ” .
قالت ” أم رمزي “: سوق الأقمشة يشكو من الكساد وهذا ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار .
قال ” رمزي ” : تماماً كسوق الكتب .. لا أحد يتابعها رغم تفاهة أثمانها.
قالت ” سمر ” : نعم . هذا صحيح . ما يقوله ” رمزي ” صحيح .
وقالت ” زينة ” لقد مضى على سفر السيد ” سامر ” ثلاثة أيام .
بعد الانتهاء من الطعام ، احتسى الجميع كوباً من الشاي .
قالت الوالدة : الطقس بارد جداً اليوم . ويبدو أن هذا الشتاء لن ينتهي .
قال ” رمزي “: الشاي هو أفضل حل لهذا الصقيع.
قالت ” سمر ” : نعم . هذا صحيح . الشاي هو الأفضل .
أما ” زينة ” فقالت : ترى .. كيف هو الطقس في فرنسا ؟ !
لا شك أنه مثلج للغاية ! مسكين السيد ” سامر ” !
بعد قليل نهض ” رمزي ” واستأذنهن للذهاب الى عمله ، فلاحقته عينا ” سمر ” الغارقتان في العشق .
وعلقت الوالدة : مسكين ابني . إنه يتعب كثيراً.
وافقتها ” سمر ” بقولها : نعم ، إنه لا يحصل على أي قسط من الراحة ، قد تسوء صحته.
وقالت ” زينة ” : لن يصيبه أي مكروه إنه رجل . وجميع الرجال يتعبون .. هذه طبيعتهم .. أنظري إلى السيد ” سامر ” مثلاً .. ! رغم كل الثراء الذي يعيشه .. يسافر من بلد لآخر للقيام بواجبات عمله .
ولاحظت الفتاة بعدما ختمت عبارتها نظرة غريبة في عيني والدتها فأطبقت شفتيها ولامت لسانها .
وعندما انصرفت ” أم رمزي ” لأداء الصلاة ، قالت ” سمر ” مبتسمة : وماهي قصتك مع السيد ” سامر ” ؟
فارتبكت وهي تجيب : أنا ؟! لا .. لا قصة لدي معه .
وتلهت برفع أكواب الشاي عن الطاولة وهي تسمع صديقتها تقول : لكنك لا تنفكي تذكرينه وكأنه وباء أصابك ؟!
فحملت ” زينة ” ما رفعته وسارت نحو المطبخ دون أن تجيبها .
ولم تصّر ” سمر ” على سؤالها بل قالت هامسة باسمة : يبدو أنه وباء بالفعل ! واسمه .. الحب .. ! كيف لا أعرفه وقد أعياني طويلاً ؟ !
يتبع