ثم جلس الأب مع ابنته و مربيتها، و و سرد عليها كل ما خفى عنهما و ما كان و كيف أنه سمع حديث الملكة مع خادمها عتريس، و عرف مخططها الخبيث، و لذلك أرادت أن تقضي عليه بتهمة كاذبة ، لكن الله أنجاه و هرب مع سفينة تجار.
قال لهما: عملت بالكثير من الأعمال، و سافرت الى بلدان و أمصار، و قابلت الألاف من النساء و الرجال، وواجهت مئات الأخطار…ثم إني بعد كل هذه السنين، أضناني الشوق و ألح علي الحنين، فسلمت أمري الى الله، و جمعت كل ما جنيته من عرق الجبين، ثم عدت الى البلاد و انا قلق على حالي، لكن فرحي و شوقي دفعاني لقصد داري، و بُليت بالعمى لما وجدته رماداً و أطلالاً بأطلال! فسرت و انا لا أعرف ماذا أفعل و لا الى اين أذهب، و تهت طويلا حتى فوجئت بعصابة من اللصوص، إنهالت علي بالضرب، و سرقت كل ما في حوزتي من فلوس!
و تأست الفتاة على مصاب أبيها الذي اعتقدته مات و رحل كوالدتها الى الدار الأخرة، و قالت له:
و شاء الرحمن أن أنقذك لنجتمع معاً بعد طول فراق!
و تعانقا و هو يقول لها: أه حبيبتي! لكم أنا مشتاق! ليت والدتك كانت معنا لكنت غنيت و رقصت و نفخت في الأبواق!
و تحدثوا معاً حتى طال الحديث، بكل ما جرى و بموضوع الملكة أناريس. و خرجت الفتاة بحقائق عدة، حماتها ليست من البشر، و قد أخفت زوجها في عالمها الأسود، و عتريس ليس والدها كما يدعي. حقائق كانت من الخيال أبعد.
و تألمت لما فكرت بمرجان فقالت: لو علم بهذه الأمور فستصيبه من العذاب ألوان و ألوان!
ثم إنها بعد هذا كله طلبت من والدها أن يهرب سراً إلى بيت كريمة و أن يختبئ هناك عن الملكة اللئيمة، ووعدته بأن تنتقم له منها شر انتقام، قالت له:
سأحول أحلام هذه العفريتة الى حطام!
فودّعها والدها، و عانقته فقبّلها، و من شرّ حماتها حذرها، ثم رافق والدتها فغادرها، فعادت الى حجرتها و هي تقول في نفسها:
ستدفعين الثمن أيتها الشريرة. و سأضع بيديّ حداً لمخططاتك الحقيرة!
يتبع
