فودّعها والدها، و عانقته فقبّلها، و من شرّ حماتها حذرها، ثم رافق والدتها فغادرها، فعادت الى حجرتها و هي تقول في نفسها:
ستدفعين الثمن أيتها الشريرة. و سأضع بيديّ حداً لمخططاتك الحقيرة!
و مكثت تفكر فيما تفعله، و ما الذي بمقدورها عمله. حتى اهتدت الى أن بوسعها فعل ما تشاء لكن عبر مرجان، و أنه السبيل الوحيد لإيقاف بنت الجان!
و دخل زوجها عليها عند المساء، فقدمت له أشهى طعام و ألذّ حساء، ثم سألته و هي تدّعي الغباء:
مرجان متى تتوَّج ملكاً؟
فأجابها: عندما أتم العشرين أي بعد أيام قليلة.
فقالت له: أليس من المفروض إذن أن تبدأ بمباشرة عملك، و أن تتمرّن على وضعك كملك؟
أعجبته الفكرة فقال لها: و كيف ذلك؟
فأجابته: كأن تتخذ مثلاً بعض القرارات.. أو تقوم ببعض الأفعال التي تنمّ عن مقدرتك على الإمساك بزمام الحكم و السلطة!
فعاد يسألها بعد دقيقة صمت: مثل ماذا؟
فقالت له: مثل أن تغير عدداً من الأحكام لتصبح أفضل مما هي عليه. حكم السرقة مثلاً. هل من المعقول أن يحكم على السارق بيوم واحد في السجن كحد أقصى؟
و لا زالت ياسمينة تحاول إقناع مرجان بما تريد، حتى جرت أفكارها في دمه و كأنها حقنة في الوريد!
و عند الصباح التالي تحدّث الأمير الى والدته بأمر أثار حفيظها و ألّب عليه سخطها و غضبها، فصاحت به:
لكن كيف تطلب أمراً كهذا؟! وما الذي جعلك تهتم الأن بالسارقين؟
فقال لها: أمي سأغدو الملك قريباً جداً و يحق لي المباشرة بالتغييرات التي أراها ضرورية.
فقالت له: أصدقني القول يا مرجان. هل لزوجتك علاقة بهذا التغيير المفاجئ؟
فأجابها: لا أمي. تذكري أننا تناقشنا بأمر العقوبات هذا سابقاً!
فعادت تقول: لكن بني. لماذا ترغب بالتغيير؟..ألا تثق بصحة ما اتخذته طوال فترة حكمي؟..ألا تجد أن الوضع الحالي هو عين الصواب؟
و أضافت:أنا لا أفهم مما تهاب؟ و لماذا تبالي بالناس ما دمت تعيش في راحة بال و احساس!
فقال لها: الناس الذين تقصدينهم يعانون من الفقر و المرض و يحتاجون للعون و المساعدة لذلك أرى ضرورة سن قوانين جديدة ترعى أوضاعهم.
فصاحت من فورها: هذا ليس كلامك!لا!هذا ليس ابني الذي يتكلم! انها زوجتك! لا شكّ انها هي من حشى رأسك بهذه العبارات التافهة!
يتبع