وارتمت الفتاة الباكية عند قدميه ترجوه أن يمهلها الوقت لتشرح له، لكن الرجل كان قد فقد غقله، و همّ من جديد بقطع رأسه، لكن هذه المرة أيضاً تدخّل قلبه.
فرمى السيف من يده، و صفع ياسمينة مرّات عديدة فزادت البكاء و زادت من تأكيدها له بأنها شريفة و أنقى من النقاء، لكنه لم يصدقها بل رماها بكلمة الطلاق و قال لها: عليك لعنة اللعناء.
ثم إنه بعد هذا كله أمسكها من قدميها، و سحبها على ظهرها في كل أرجاء القصر فتألمت الفتاة و تكسّرت ضلوعها و شجّ رأسها و تساقط شعرها و تمزق ثوبها و تشقق جلدها و تقطعت أنفاسها فعلا صراخها و نواحها و تزايد عذابها حتى رماها زوجها خارج القصر و قال لها: لا أريد أن أراك حتى أخر الدهر. و بقيت الفتاة المحطمة في مكانها لدقائق و ثواني، لا تقوى على النهوض و لا الحراك، حتى مرّ من أمامها البستاني، فأشفق عليها و قلبه رقّ.
و كان يعرفها و يعرف أمها و المنزل الذي يسكناه، فحملها اليه، و هي لا تكف عن البكاء و إطلاق الأنين و الأه!
و لمّا أوصلها الى دارها فجع والداها بمصابها، و عملا على مداواة جروحها و ألامها، و تطبيب كسورها و أوجاعها، و بكت كريمة و منحتها الحنان الذي تحتاج، و احتج أبوها على حالها أكبر احتجاج.
و أراد الذهاب الى القصر و الإنتقام لما أصابها، لكن كريمة منعته و قالت له:
إبنتك بحاجة لك الأن فأنت من أعز أحبابها.
و بكت مضيفة: المسكينة! ماذا فعلوا بها؟ ماذا فعلوا بشبابها؟
و عندما فتحت الفتاة عينيها بعد أيام، نقلت لوالديها حزنها و بلواهاو ما يختلج في صدرها من ألام، فحزنا لما جرى، و في حلّ مناسب فكرا، و قال لها والدها:
لا شك أن الملعونة وضعت شيئاً في الماء! لقد نجحت في التفريق بينكما و خطفت منك الهناء!
و نهضت كريمة عن مقعدها و هي تقول:
سأذهب الى مرجان و أخبره بحقيقة ما كان!
فمنعتها الفتاة بقوله: لا أمي! هذا لم يعد بالإمكان! ثم أنا لا أريده! ليس بعد أن فعل بي كل ما فعله و طردني من المكان!
و تمتمت و هي تمسح دموعها:
لقد انتهى كل شيء و أصبحت علاقتنا في خبر كان
هذا ما كان من أمر ياسمينة أما ما كان من أمر مرجان فإنه بعدما طرد زوجته من القصر، عاد الى حجرته حزيناً و دموعه تفيض كالنهر، و ارتمى في فراشه و هو يجهش بالبكاء، فواسته والدته قائلة: إنها لا تستحق هذا العناء!
يتبع
