هذا ما كان من أمر ياسمينة أما ما كان من أمر مرجان فإنه بعدما طرد زوجته من القصر، عاد الى حجرته حزيناً و دموعه تفيض كالنهر، و ارتمى في فراشه و هو يجهش بالبكاء، فواسته والدته قائلة: إنها لا تستحق هذا العناء!
و أخفت فرحتها و أضافت:
كان يجب أن تقتلها لعملها الحقير! الحقيقة أن ما فعلته بها كان قليل!..دعك من البكاء فهي لا تستحق كل هذه الدموع، و أخرجها من عقلك و قلبك كما تخرج أنفاسك من الضلوع.
و تابعت كلامها: لهذا لم أكن أحبها و لم أكن أريدك أن تتعلق بها.
لقد أغوتك و خدعتك حتى تنال المجد و السلطة منك. حاولت توجيهك كما تشاء لتحقق هي أحلامها و انت لأنك أحببتها غرقت في مستنقع أوهامها. هي كسائر العامة تحقد عليك و لا تحبك و تحلم باليوم الذي تسرق فيه ملكك.
و قبّلت رأسه مضيفة: أنا الوحيدة التي أحبك و تهمني مصلحتك و حياتك. أنا الوحيدة التي أعرف كيف أسعدك و أحميك، أنا الوحيدة التي يمكنها أن تهديك و ترضيك.
فارتمى الشاب المفجوع بين ذراعي والدته باكياً شاكياً:
أمي! لقد أحببتها حقاً! لماذا فعلت هذا بي؟!
فابتسمت خفيةً و قالت:
هكذا هم الناس جميعاً يا ولدي!وعليك أن تتعلم مني كيف تتعامل معهم و تحكمهم!
فأومأ برأسه و قال لها بصوته المبحوح:
أجل أمي! علميني!
و مرت الأيام و مرجان يدرس الشر على يدي والدته، و يحاول أن ينسى محبوبته، و يطردها من خياله و ذاكرته، أما ياسمينة فقد شفيت جروحها و طاب بدنها لكن نفسها لم تطب فكثر سهدها و بكاؤها و قلّ طعامها و كلامها فتألم والدها لحالها.
و قصدت كريمة القصرخفية عن الجميع، و وطلبت الأمير لتحدثه بأهم المواضيع، لكن كل ما قالته سدىً كان يضيع.
إذ أنه لما قابلها كلمها بجفاء، و أسمعها كلمات عن ابنتها تخدش الحياء، لكنها صبرت عليه و تحملت هذا البلاء، و دافعت عن ابنتها و عن شرفها، و قالت له أنه أكثر من يعرفها، فقد رافقها لسنين طوال، و لم يسمع عنها سوءاً و لا قيل و لا قال. قالت له: يا و لدي شغّل التفكير و البال، و اطرح على نفسك هذا السؤال “هل يمكن أن ترتكب ياسمينة مثل هذه الأعمال؟”.
يتبع
