وترجل من سيارته، ولما فتح باب المنزل أمامه، قابلته خادمة لم يرها من قبل فقال لها أهذا منزل الأستاذ أمين ؟
فأومأت برأسها، فقال لها سؤالاً جديداً : هل السيدة نعيمة موجودة هنا ؟!
فأومأت برأسها مرة أخرى وأشارت إليه بالدخول دون أن تنطق بحرف ما أثار فيه دهشة وانزعاجاً .
ولما دخل وجلس تأمل المنزل والأثاث فوجده ما زال على حاله كما تركه منذ سنوات، ولاحظ أن بعض أجزائه قد بدت عليها معالم القدم بوضوح وأضحت رثة بالية .
ووسط سكون غريب، دخلت نعيمة عليه ووضعت نظارتها عندما رأته، ثم قطبت حاجبيها المتجعدين بدهشة وقالت : سيد نادر .. أهذا أنت أم أن ذاكرتي خانتني ؟!
– ” لا .. ذاكرتك سليمة يا نعيمة .” قال لها مبتسماً : كيف هي صحتك ؟
فأجابته وهي تجلس بجواره : كما ترى .. صحتي جيدة لكن ما يزعجني هو هذه الوحدة التي أعانيها .
– ألا يشاركك أحد السكت هنا ؟
– لا .. كان سيد أمين هو مؤنسي .. لكن بعد رحيله .. لم يبق لي سوى الخادمة الطيبة والتي تعتني بكلينا ..
– وكيف تتدبران أموركما ؟” سألها : من أين تؤمنان مصروف يومكما ؟
– فابتسمت وأجابته : آه .. السيد رحمه الله كان طيباً وكريماً معي .. لقد خصص لي معاشاً شهريا أقبضه م من المصرف بعد وفاته .
وتنبهت إلى أنها لم تسأله عن نفسه فقالت له : وأنت يا سيد نادر .. ماذا يجري لك ؟! و.. وما الذي جاء بك إلى هذا البيت بعد هذه السنين ؟!
– “.. إنها .. مسألة متعلقة ب ريم ” قال لها، فسألته : و.. ما بها طفلتي ؟ هل تشاجرت مع زوجها البغيض مرة ثانية ؟!
– وهل كانا يتشاجران كثيراً ؟!
– ” آه .. أجل .. وقد غضبت ريم مراراً منه وترمت بيته مرات عدة ..” أجابته : حتى أنها مكثت هنا أكثر من شهر في أخر شجار بينهما .. قبل أن يأتي زوجها ويصالحها .
– ” ويبدو لي أنك لم تعي أي شيءعنها منذ ذلك الوقت ”
قال لها ولم ينتظر جواباً منها ليضيف : زوج ريم مات والشرطة تتهمها بقتله !
– ” خالة نعمة !” صاحت ريم بلا تصديق وهي ترتمي بين ذراعي عرّابتها : لا أصدق أنك جئت ! أخيراً لقد جئت ! آه ! لكم أنا بحاجة إليك وإلى صدرك الحنون !