ولم تجبه بل انصرفت من أمامه غاضبة لأنه لم يحسم أمر المنزل أمام زوجته . وما كادت تدخل غرفتها، حتى علا صياح عدوتها : أهذا كل ما استطعت قوله لها ؟!كان عليك أن تضربها حتى تفهم من المتحكم هنا ! يكفيها تحرراً … !
فتحت نعمة الباب لتفاجأ بالطارق فتقول : سيد نادر !
” نعم .” قال لها وهو يقتحم المكان والشر بادياً بوضوح في عينيه !
أين ريم ؟ أريد محادثتها في الحال ؟
وجلس ينتظر، فقالت نعيمة : حسناً، سأخبرها ببمرادك .
وما كادت تدخل غرفة ريم وتبلغها بالأمر، حتى علا صوت تلك الفتاة واخترق الصالة :
ماذا يريد بعد ؟! لماذا جاء ؟! لقد أرسلت له كل إغراضه، فماذا جاء به إلى هنا ؟!
” إنهضي وقابليه يا ابنتي ” قالت لها بلطف : قد يكون جاء لأمر هام .
وتصيح من جديد بغضب : ما من شيء مهم بيننا بعد الآن ! ما من رابط بيننا حتى ! أنا لا أريد رؤيته ! أنا لا أطيق سماعه بعد الآن !وارتمت على سريرها باكية، ونهض نادر عن مقعده والألم يعتصر فؤاده، وسار بتثاقل خارجاً من المكان . فلما عادت نعيمة إليه ولم تجده تمتمت متحسرة :
لقد انتهى حقاً كل شيء الآن !
سار نادر على غير هدى في شوارع المدينة، وقد أسكرته الصدمة المباشرة التي سمعتها أذناه من فم ريم مباشرة .. لم يتوقع أن تقابله محبوبته بكل تلك القسوة !
ولم يفهم لماذا كل هذا الكره نحوه ؟ماذا فعل لها ؟ بماذا أذاها لتقابل حب سنينه بكل هذا الحقد والشر ؟
يبدو أنا وفاء كانت محقة فيما قالته ” أفعال الناس قد تصيبك بالجنون “!
ووسط ذهوله، همّ باجتياز الطريق السريع دون أن ينتبه إلى السيارات المنطلقة بسرعة نحوه .
وعلا رنين الهاتف في منزله، فرفعت أمه السماعة، وصاحت مرتاعة لما تلّقت النبأ .
وهرعت هي ووالده إلى المستشفى، حيث قال لهما الطبيب : لا تقلقا . إنه بخير .. إصابته في الحادث لم تكن خطيرة .
ودخلا عليه فوجداه نائماً، وسالت دموع الأم وهي تتأمله وتتمتم : الحمد لله .. الحمد لله ..
ولما فتح عينيه، وجدهما حوله، فابتسم وقال :
أنا آسف لأني سببت لكما القلق والخوف .
” لا تقل هذا يا نادر .” قالت والدته : المهم أنك بخير .
وقال له والده : لكن ماذا حصل يا ولدي ؟
فأجابه وهو شارد الذهن : ما حصل هو أنني كنت في نفق أسودمظلم .. ولقد خرجت منه .
” لن تصدق من اتصل بي اليوم .” قال هيثم لابنه سعد : إنه والد ريم .