وما كاد ينصرف من أمامها حتى علا رنين الهاتف، فرفعت السماعة بتلقائية وأجابت : نعم.
وكان المتصل هو والد ريم السيد أمين وقد طلب التحدث إلى صهره بعدما عرف بنفسه، لكنها اعتذرت وقالت له :
نادر ليس موجوداً في المنزل الآن .
وأضافت : إن كان لديك رسالةله فيمكنك إطلاعي عليها . أنا زوجته وسأنقلها له .
فتفاجأ الرجل وقال زوجته ؟
” نعم .. لقد قام بتصحيح خطئه وتصالح معي .” قالت له بمكر لا يوصف : أنا الآن أقيم معه في منزله .
فقاللها : أنت وطفلكما ؟
” آه .. أجل .. طفلنا بالطبع معنا ..” قالت له ولمحت طيف نادر يقترب فأضافت باستعجال : إنه يبكي .. أنا مضطرة لأن أقفل وأعادت السماعة إلى مكانها، فأقفل الأستاذ أمين الهاتف بدوره وتمتم بدهشة وامتعاض : لقد تمكن ذاك الخبيث من خداعي حقاً !
وأنا الذي كنت أظنه بريئاً من هذا الفعل .
وضرب طاولة مكتبه بقبضته مضيفاً بغضب : الحقير !
” من المتصل ؟!” سأل نادر ضيفته وهو يقدم لها كوباً من الشاي الساخن، فأجابته شاكرة : لا .. لا أحد .. يبدو أنه طلب الرقم الخطأ ..
قال لي أنه يريد التحدث إلى فوزي .. هل لديكم أحد هنا بهذا الإسم ؟
” لا .” قال وهو يجلس قبالتها : إذن آنسة وفاء ما هو هذا الأمر الهام الذي دفعك لزيارتي الآن ؟
” ” آه أجل .” قالت وكأنها تستفيق من نوم عميق : ما حصل هو أني كنت في منزلي أتناول طعام الغداء حين زارتني ريم .
سألهاباهتمام : وهل تحدثت إليك بأمرنا .. ماذا قالت ؟
” ما قلته لن يعجبك .” أجابته : وحتى لا أصعب الأمر عليك سأختصر لك ما حدث .
وتنهدت كأنها تنؤ تحت حمل ثقيل وأضافت : طلبت مني إخبارك بأنها تعتبر كل ما كان بينكما منتهياً . وبأنها لم تعد مرتبطة بك ولا ملتزمة نحوك بأي شيء . قالت بالتحديد أنك كنت لعبة ممتعة بالنسبة لها . لعبة ممتعة وطويلة الأمد . بصراحة لقد تفاجأت بتعابيرها السخيفة وبضحكاتها
الساخرة منك . قالت أنك كنت ملهاة مميزة لها .
وصعق الرجل بهذه الأنباء، وتبدل لون وجهه، ولوّن الحزن تقاسيمه . في حين تابعت وفاء سرد الأكاذيب المؤلمة : لقد هزأت بك وبشعرك .. وقالت أنك من طبقة فقيرة لا يشرفهاالإرتباط بها .
أتمت عبارتها، ثم أخرج من محفظتها الضخمة بضع أشياء قدمتها له، وهي تقول : لقد لأعطتني هذه الأغراض وطلبت مني إيصالها لك .
ونظر الرجل إلى ما تحمله فإذا به يرى قصائده وصوره ومعها المجوهرات التي قدمها لها للإرتباط بها .
وتجمد في مقعده، بلا حراك وبلا كلام .. كان ذاهلاً جريحاً لا يصدق ما يسمعه ولا يستوعب غقله هذه الحقائق المرة !
ووجدت وفاء أن الوقت غير ملائم الآن لتضيف المزيد أو لتخطو خطوات جديدة في مسعاها للحصول على نادر، فنهضت وقالت له بلطف : أنا آسفة لأجلك يا دكتور نادر . ليت بإمكاني مساعدتك . سأكلمك فيما بعد لأتمئن على حالك . وانصرفت .