ووقفت بالباب وقالت : صدقني أنا أعرف ريم أكثر منك، وما أخبرتك عنها هو الحقيقة بلا زيادة ولا نقصان ..
” كفاك بكاءً يا ابنتي .” قالت نعيمة وهي تجلس بجوار ريم في السرير ” خذي هذا الكوب من العصير . صدقيني .. سيفيدك .”
” لا أريد شيئاً .. لا لا أريد شيئاً .” صاحت باكية وهي لا ترفع رأسها عن الوسادة : دعيني وحدي .
ودخل عليهما والدها، فحاول التخفيف عنها بقوله : عزيزتي ريم .. نحن لم نتأكد بعد من كلام تلك المرأة .. لا داعي لأن تعذبي نفسك من أجل كلام غير مثبت ! ألم تعلمك الحقوق أن المتهم بريئ حتى تثبت إدانته !
ولم ترد عليه فخرج من عندها غاضباً وهو لا يدري ما يفعل لأجلها .
وبقيت هي تجهش بالبكاء، بعدما أفقدتها المفاجأة كل اتزان !
فقالت لها نعيمة : يا ابنتي والدك محق، أليس من الممكن أن تكون تلك المرأة كاذبة وأن يكون كل ما قالته عن السيد نادر هو افتراء ؟!
” يا ابنتي الدنيا حافلة بالأشرار .. الذين لا يرغبون برؤية الآخرين سعداء !”
” هكذا ؟! ببساطة وبدون أي مبرر ؟!” قالت مستنكرة : تأتي مع طفل معها، وتدعي أنها زوجته وأنه إبنه، بدون أي سبب ؟! آه !
ما هذا الكلام السخيف ؟!
فنهضت العجوز العجوز وقد أزعجها تعبير الفتاة وقالت : كلام سخيف ؟!
وهمست بصوت حزين : سامحك الله !
وغادرت، فعادت الفتاة لأحزانها ولم تبال بها .
عند ظهيرة اليوم التالي، كان نادر يجلس برفقة وفاء في أجد المطاعم المجاورة للجامعة ويقول لها :
شكراً لأنك لبيت طلبي وجئت . أنا أقدر لك هذا .
” لا داعي للشكر يا دكتور نادر ”
قالت له : فأنا أكون سعيدة برفقتك !
ولامست يده بحنان فلم يمانع وقالت له :
تكلم .. أفصح لي عن كل ما يتعبك .. أنا مستعدة لسماعك ..
” الحقيقة أنني لم أنم مساء البارحة !” قال لها : أمضيت الليل في التفكير بكل ما جرى وبكل ما بحت لي به ..
وصمت فقالت له : وما زلت لا تصدق .. أنا أفهمك .
ثم سألته : أخبرني هل إتصلت بك ريم ؟
أو حتى والدها الأستاذ أمين ؟
ولم يجبها، فقالت : أرأيت ؟!
” لكنني لا أصدق .” قال منزعجاً : عقلي يرفض كل ما يحدث ! كل هذه السنوات من الحب والعشق كانت كلها .. مزحة ؟! أتكون ريم بهذا القدر من الخبث والشر ؟! لا .. لا .. غير صحيح ..
فأومأت وفاء برأسها وقالت : أنا أتفهم موقفك . في الواقع الحقيقة قاسية جداً ..
” والعم أمين هل يعرف الحقيقة ؟!” سألها فأجابت : لا، ألم تره كيف انقلب حاله عندما فرت ابنته من الزفاف . لا شك أنه مصدوم من الحقيقة ..
” لا .. لا.. آسف آنسة وفاء لكني عاجز عن تصديقك .” قال لها :هناك شيء غير منطقي في هذا كله !
ومسح وجهه بكفيه وهو يسمعها تقول : صدقني .. أفعال بعض الناس قد تصيبك بالجنون ..