جلس “أسامة” يفكر فيما حدث للتو، في الوقت الذي قال “ليث” وهو يبحث عن الطعام في المطبخ:
– يبدو أنها لم تأخذ دروساً في الطهي.
وعاد إلى غرفة المعيشة قائلاً:
– سأنزل لإحضار ما نأكله.. هل لديك إقتراح؟
– لا، إشترِ ما تشاء.
– حسناً.. لن أتأخر.
قال ذلك وخرج تاركاً باب المنزل مفتوحاً، فنهض صديقه وأغلقه إلى نصفه ثم سار بتردّد
نحو غرفة الآنسة وقرع على بابها، فارتبكت وقالت:
– من؟
– أنا أسامة.. هل..
قاطعته قائلة:
– تفضل حضرة الطبيب.
فدخل وهو يقول:
– كيف أصبحتِ؟
فأجابته وهي تنهض عن السرير:
– أفضل. شكراً لسؤالك.
إنتظرت أن يقول شيئاً لكنه لم يفعل، وبدا كأنه متردد في الكلام، فحثّته على ذلك قائلة:
– هل كنتَ ترغب بقول شيءٍ ما؟
– نعم.
قال من فوره، لكنه سارع لإلغاء إجابته:
– لا!
وأضاف بارتباك:
– في الحقيقة، كنتُ أريد أن أسألكِ إن كان لديكِ ما تخبرينني به.
– أنا؟
قالت متسائلة:
– لا، لا..
أومأ برأسه معلناً تفهمه، لكنه رغم هذا بدى غير واثق بها.
وسار خطوات ليخرج من الغرفة لكنها استوقفته قائلة:
– مهلاً..
أسامة..
أضافت وقد حذفت لقبه للمرة الأولى:
– فعلاً.. لدي ما أطلعك عليه..
واقتربت منه وهي تتابع كلامها:
– إنه.. إنه أمرٌ مهم.
– حقاً؟!
سألها باهتمام ممزوج باللهفة:
– وما هو؟!
إرتفع صوت ضجة في الخارج، لكن هذا لم يؤثر على سير حديثهما، إذ قالت زمردة:
– في الواقع.. لقد أخفيت عنك بعض الأمور التي كان يجب أن تعلمها.
– ماذا؟!
سألها وبعض الوجوم على محيّاه:
– لم تفقدي ذاكرتكِ؟
أحنت رأسها خجلاً في علامة واضحة تؤكد ظنه، فاستشاط غضباً:
– لكن لماذا؟! آه.. كل هذا كان مجرد لعبة؟! لا أصدق .. لا أصدق أنكِ بكل هذا الجمال وهذه البراءة تلاعبتِ بي وقمتِ بخداعي !
– لا، لم تكن لعبة.
دافَعَت عن نفسها:
– لقد فعلتُ هذا لأحمي نفسي.
– تحمين نفسكِ؟ لكن ممن؟!
سألها وغضبه في ثبات:
– هل كنتِ خائفة من أن نؤذيكِ؟! آه.. بالله عليكِ.. هويتكِ ما كانت تهمنا لو أردنا فعل ذلك.
– بل كانت ستهمكما.
ردّت بنبرة لا تخلو من الحزم:
– لو كنتما علمتما بحقيقتي لكنتما أعدتماني.
– أعدناكِ؟!
صاح بدهشة:
– لكن إلى أين؟!
– إلى حيث أنتمي وإلى حيث يجب أن أكون.
يتبع