– أنتَ محتال.
تابع الوزير هجومه:
– تُخفي الأميرة في منزلك، وتريدنا أن نصدِّق أنك بريء؟
وتابع مخاطباً الملك:
– قد يكون أقنع الأميرة بالشهادة لصالحه لأنه ساعدها بالإختباء في منزله.
– لكني لم أكن أعلم!
قال بنبرةٍ يائسة:
– صدقوني.. الأميرة “زمردة” كانت تدَّعي فقدان الذاكرة.
فعلّق الوزير ساخراً:
– آه صحيح!
وقال كبير الجند:
– كان الواجب يقضي بأن تبلّغ أقرب مركز للعسس عنها.
فعاد الوزير يقول:
– هذا يبرهن كذبك وعدم صفاء نواياك!
والتفت ناحية الملك مضيفاً:
– مولاي! هل ستستمر في إهدار وقتك على سماع ترّهات هذا الرجل؟!
فأومأ الملك “غسّان” برأسه ونادى:
– يا سجّان!
************
كانت “زمردة” تقف في شرفة غرفتها، تتأمل حديقة القصر الغنّاء، وهي لا تنفك تفكر بما حدث وتحاول توقّع ما سيحدث. كانت قلقةً على مصيرها، خائفةً من أن يُرغمها والدها على الزواج بالأمير “نديم”، ولكن، في الحقيقة كان قلقها أعظم وأشدّ على ما سيحلّ بأسامة.
كانت واثقة من أن والدها لن يرحمه.
ولشدة خوفها لامت نفسها، وشعرت بالذنب لأنها تركته يواجه الملك وحيداً، واعتبرت أن دفاعها عنه كان ضئيلاً، فرفعت ثوبها الذي كانت قد بدلته، وسارعت بخفّةٍ نحو الباب وقد قررت لقاء والدها، وعرض ما جرى بينها وبين الطبيب عليه حتى يتبصّر براءته ويصفح عنه.
إندفعت بهمّةٍ وتصميم، دونما خوف من أن تنال من والدها ردّاً مماثلاً للصفعة المؤلمة، التي لم تزل آثارها عن خدّها بعد.
لكنها حين فتحت الباب إصطدمت بحارسين ضخمين يقفان عنده، فانزعجت وقالت :
– ما الذي تفعلانه هنا؟!
– عذراً يا سمو الأميرة.
قال أحدهما باحترام:
– لقد أمرنا الملك بمنعكِ من مغادرة غرفتكِ.
تقافز الغضب الذي لا يخلو من الحزن في عينيها، وأغلقت الباب بقوة بوجهيهما، ثم جلست
على مقعدٍ وثيرٍ والحيرة تعبث بتفكيرها.
وما زالت على تلك الحال حتى دخلت عليها إحدى خادمات القصر، حاملةً عدة أطباق من الطعام
الشهي وبناءً على رغبة الملك قدمته لها، فرفضته وألحّت على الخادمة بأن تعيده، وتخبر سيدها
بموقفها، وبأنها لم ولن تريده.
فهمَّت بالخروج والطعام بين يديها، لكنها ما إن سارت خطوتين للأمام حتى نادت عليها وسألتها:
– أين هي وصيفتي “نسرين”؟ لماذا لم أرها منذ وصولي؟!
فاستدارت نحوها وأجابتها:
– الوصيفة في السجن.
– ماذا؟!
صاحت بدهشة:
– ما الذي أوصلها إلى هناك؟!
– الملك، بعد مغادرتكِ القصر، أمر بذلك.
لكن “زمردة” لم تمكث بدون حراك طويلاً، إذ نهضت مسرعة، وأمرت أحد الحارسين أن يُخطر
الملك بضرورة مقابلتها.
يتبع