وسارت الملكة مسرعة في ردهات القصر وقد بدى الوجوم واضحاً على وجهها واكتست تعابيرها برداء الجد والحزم.
إتجهت نحو غرفة ابنها وقد قررت أن تحدثه بأمر “زمردة” وتؤنبه لإخفائه كل هذه الحقائق عنها.
وبدون استئذان أو مقدمات فتحت باب حجرته ودخلتها لتفاجأ برؤية ابنها في السرير مع واحدة من جاريات القصر فتصرخ بغضب: “نديم”!
وينتفض مذعوراً في سريره وهو يهتف: أمي!
– لا أصدق ما تراه عيتاي!
وأشار إلى الجارية بالإنصراف، فنفذت أمره بعدما لفّت غطاء السرير حول جسدها العاري.
ثم قال لوالدته ووجهه يلمع بالحمرة لشدة خجله: أرجوكِ أمي سأشرح لكِ .
– ولكن ماذا ستشرح لي؟!
صاحت بغضب متصاعد: هل هذه هي الأخلاق الحميدة التي ربيتكَ عليها؟!
– أرجوكِ لقد عانيتُ الكثير في المعارك ويحق لي بقليل من المتعة.
– آه وكيف لا؟
قالت هازئة: لو أراد كل جندي أن يمتع نفسه بعد المعركة بطريقتك هذه فلن يبقى في المملكة عذارى بالمرة.
وأحنى رأسه دون أن يرد على كلامها، فاستغلت صمته لتقول:
– أنتض كوالدك تماماً! الشقاوة نفسها والخبث نفسه والشر نفسه!
فقال بانزعاج: لا تتحدثي عن والدي بهذه الطريقة.
– لماذا؟!
سألته: أيزعجكَ أن تعلم كم كان سيئاً؟!
– والدي لم يكن سيئاً.
– بلى! وأنت مثله تماماً!
وأكّدت له: صدقني لقد عشت مع والدك أكثر من خمس وعشرين عاما وأعرفه كل المعرفة. بعض الأخبار عنه قد تجعلك تتقيأ.
– لا تقولي لي أنكِ كنتِ تتمنين وفاته؟
– لا أعلم إن كنتُ تمنيتُ ذلك حقاً أم لا.
ردّت بصراحة: لكنني أدرك تماماًُ أني لم أحزن لموته. في النهاية كان ظالماً طوال حياته وحصل على ما يستحقه.
– والدي لا يستحق منكِ هذا الكلام؟
– والدك لا يستحق أكثر من هذا.
قالت وهي تمسك بجزءمن ثوبها الأسود، ثم تضيف بنبرة أخف حدّة من سابقاتها: وأنا لا أريدك أن تكون مثله، لا أريد أ، تكون نهايتك مثله!
– أمي أتسمحين لي بسؤال؟
قال لها بنفاد صبر: ما سبب دخولك علي بهذا الشكل وما سرّ كل حديثك هذا؟ لماذا لا تقولين لي بصورة مباشرة ما تريدينه؟
– قلتُ لك لا أريدك أن تكون ظالماً مستبداً.
– أجابته وهدؤها يعود إليها: الفتاة المسكينة تلك لا تستحق ما تفعله بها.
فسألها بدهشة: أيّ فتاة؟!
يتبع